الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
128573 مشاهدة print word pdf
line-top
إذا قاتل الذمي المسلمين أو تعدى عليهم

أو قاتلنا.


وهكذا معلوم أنه إذا قاتل المسلمين أو استباح قتالهم فقد نقض عهده نعم.

أو تعدى على مسلم بقتل، أو زنى بمسلمة، وقياسه اللواط.


وهكذا إذا فعل هذه المعاصي. إذا قتل مسلما قتل؛ قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا بمسلمة في حديث أنس المشهور: أن يهوديا رض رأس جارية من الأنصار على أوضاح لها فأدركت وبها رمق، فقيل من فعل هذا بك أفلان؟ أفلان؟ حتى سمي اليهودي، فأشارت برأسها أن نعم، فأخذ فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين أن يجعل رأسه على حجر ويفتخ بحجر؛ لأنه هكذا فعل بهذه الجارية لأجل أوضاح لها - الأوضاح يعني حلي من الفضة- يعني: قتلها لأجل أن يأخذ ذلك الحلي الذي عليها، فإذا قتل مسلما أو قتل مسلمة انتقض عهده، وكذلك الزنا إذا زنى بمسلمة أو فعل فاحشة اللواط برجل مسلم فإنه ينتقض عهده ويقتل، ولو كان غير محصن. لو زنى بمسلمة ولو كان غير محصن فإنه يقتل وكذلك إذا فعل مقدمات ذلك؛ ففي قصة بني قينقاع سبب انتقاض عهدهم: أن تاجرا منهم جاءته امرأة مسلمة متحجبة فطلب منها أن تكشف وجهها؛ فامتنعت فعمد إلى ثوبها من خلفها، فربط أسفله بأعلاه بإبرة أو شوكة وهي جالسة، فلما قامت تكشفت. يعني: انكشفت عورتها من الخلف، فجلست وصاحت، وأخبرت بأن هذا هو الذي ربط ثوبها حتى بدت عورتها؛ فكان هذا سببا في إجلائهم إجلاء بني قينقاع؛ لأجل هذه الفعلة الشنعاء بمسلمة.
وفي عهد عمر لما زار الشام جاءه يهودي أو نصراني وقد ضُمخ بالدم، فاشتكى رجلا من الصحابة أنه ضربني وأنه شجني وأنه جرحني، فاستدعي ذلك الصحابي لماذا فعلت بهذا المعاهد؟ فأخبره بقصة: وهو أنه رأى امرأة تسير على حمار لها؛ امرأة مسلمة، فراودها فامتنعت، فدفعها عن حمارها حتى سقطت من الحمار، وحاول أن يتغشاها فصاحت، فكان عندها هذا الصحابي الذي جاء إليه فزعا وضربه حتى شجه.
اعتبر عمر هذا منه نقضا للعهد، وقال: ما على هذا عاهدناكم وأمر به فقتل، فدل على أنه إذا حاول فعل الفاحشة: زنا أو لواط أو مقدمات ذلك أنه ينتقض عهده. نعم.

line-bottom